في 16 يونيو 1982، شهد ملعب “إلمولينون” في خيخون الإسبانية واحدة من أكثر المباريات إثارة في تاريخ كأس العالم. المواجهة بين الجزائر وألمانيا الغربية في المجموعة الثانية لم تكن مجرد مباراة عادية، بل كانت لحظة تاريخية غيرت مفاهيم كرة القدم الإفريقية والعالمية إلى الأبد.
المفاجأة الجزائرية
دخلت الجزائر المباراة كلاعب ضعيف وفق التوقعات، حيث كانت ألمانيا الغربية حاملة اللقب الأوروبي وتضم نجومًا مثل كارل-هاينز رومينيغه وبول برايتنر. لكن “ثورة الكروان” (كما أطلق على المنتخب الجزائري) فاجأت الجميع بتقديم كرة قدم هجومية متقنة.
سجل العربي بن قولة الهدف الأول للجزائر في الدقيقة 54، ليصدم الجماهير الألمانية. وعلى الرغم من تعادل ألمانيا سريعًا عبر كلاوس فيشر، إلا أن لحظة السحر جاءت في الدقيقة 68 عندما سجل الأخضر بن مخلوف الهدف الثاني من تمريرة ساحقة لشريف وجاني.
الجدل الألماني
في الدقائق الأخيرة، حاول الألمان بكل قوة تعديل النتيجة، لكن الدفاع الجزائري الصلب والمهارة الأسطورية لحارس المرمى مصطفى دحلب أبطلت جميع المحاولات. انتهت المباراة بنتيجة 2-1 لصالح الجزائر، في واحدة من أكبر مفاجآت كأس العالم.
لكن الفرحة الجزائرية لم تكتمل بسبب “فضيحة خيخون” الشهيرة، حيث تعمد المنتخب الألماني الخسارة أمام النمسا في المباراة التالية (1-0) ليتأهل هو والنمسا على حساب الجزائر. هذه الحادثة أدت إلى تغيير قوانين الفيفا حيث أصبحت المباريات الأخيرة في المجموعات تُلعب في وقت واحد.
إرث خالد
رغم الخروج المبكر، أصبحت مباراة 1982 أيقونة في الذاكرة الجماعية الجزائرية والعربية. لقد أثبتت أن الفرق الإفريقية قادرة على منافسة العمالقة، وساهمت في كسر الصورة النمطية عن كرة القدم القارية. اليوم، يُعتبر هذا الانتصار رمزًا للإرادة والكفاح، ومصدر إلهام للأجيال الجديدة.
بعد 40 عامًا، لا تزال “معركة خيخون” تذكرنا بأن كرة القدم أكثر من مجرد رياضة – إنها قصة إنسانية عن التحدي والكبرياء. الجزائر في 1982 لم تهزم ألمانيا فقط، بل هزت العالم بأسره.